استخدام الموازنة التقليدية للدولة كأداة للتخطيط والرقابة مدخل استقرائي لمكافحة الفساد في القطاع العام في ليبيا
د. بوبكر فرج بوبكر شريعة جامعة بنغازي – كلية الاقتصاد
أ.عبدالحميد خيرالله العبيدي بنغازي – باحث بمراقبة الخدمات المالية
الملخص
تهـدف هـذه الدراسة إلى التعرف عـلى كفاءة استخدام مـوازنـة الأبــواب والبنـود كـأداة للتخطيط والرقابة، وتحديد العوامل والمعوَقات والقيود التي تحد من فاعليتها لمكافحة إهدار المال العام، و لتحقيق هـذا الهـدف تم اسـتقراء الأدبيات السابقة للموضوع من خلال الكتب والدوريات وكذلك القوانين ذات العلاقة بالنظام المالي للدولة الليبية، هذا ولقد تم استخدام أسلوب المقابـلة الشخصـية لتجميع البيانات اللازمــة من المشاركين في الدراسـة، المتمثلين في رؤسـاء الأقسـام والموظفين بالأقسـام الماليــة المختلفة بمراقبة الخدمـات المالية في مـدينة بنغازي، حيث تم استخدام الأسلوب الوصفي لتحليل البيانات المتحصلة بغية تحقيق اهداف الدراســـة.
وتعتبر ليبيا إحدى الدول التي تطبق نموذج صندوق النقد الدولي للموازنة العامة بشكلها التقليدي المتضمن للأبواب والبنود، إن تبني هـذا النـموذج لـم يـأت اعتباطا وإنـما كان بشــكل ملزم لكافة الدول التي تتلقى إعانات من صندوق النقد الدولي، حيث إن هذا النوع من الموازنات يكرس وظيفتي التخطيط والرقـابة لصـندوق النقـد الـدولي باعتبـاره صاحب التـمويـل، وكانـت ليبيا عنـد استقلالها سنة 1951م من أفقر دول العالم، وبالتالي كانت تتلقى إعانات مثلها مثل باقي الدول الفقيـرة مـن صندوق النقد الدولي، إلى أن ظـهر النفط في الستينيات من القرن الماضي الذي حول ليبيا من دولة فقيرة إلى مصاف الدول الغنية بفضل هـذه الـثروة الطبيعية، هذا الأمــر يستوجب إعادة تقييم النـموذج التقليدي الحـالي لمعرفة مساهمته في تحقيق وظيفتي التخطيط و الرقابة من أجل الحفاظ على المال العــام.
توصلت الدراسة إلى أن موازنة الأبواب والبنود لم تعد تتناسب مع الوضع الحالي للدولة، لكي تفي بأغراض التخطيط والرقابة من أجل الحفاظ على المال العام والحد من ظاهرة الفساد، كما بينت الدراسة تأثير العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية في جميع مراحل إعداد وتنفيذ الموازنة العامة للدولة، ومن جهة أخرى أوضحت الدراسة عدم تبني الطرق العلمية عند تقدير بنود الموازنة العامة، وبالتالي غياب الشفافية والإفصاح وتدهور الثقة والمصداقية بين معدي ومستخدمي هذه التقديرات.
اقتصرت هـذه الدراسة على مراقبة الخدمات المالية في مدينة بنغازي، وذلك لتماثل الظروف التي تمـر بها المعالجات المالية لتنفيـذ الميزانية العامة للدولة في كافة المراقبات المالية في ليــبيا، ومع ذلك فإن عملية تعميم نتائج هذه الدراســة سيكون محدودا بما تم الحصـول عليـه من بيانات في نطاق مراقبة الخدمات المالية في بنغازي.